إن منطقة البحر الأبيض المتوسط، بجمال مناظرها الساحلية الأخاذ وثراء ثقافاتها، ليست مجرد وجهة سياحية بل هي مهد للحياة ومصدر لسبل العيش ومكان للمفاجآت الطبيعية المخفية. إضافة إلى ذلك، تحت مياهها الزرقاء وسواحلها الخلابة يكمن مورد حيوي غالباً ما يغيب عن أذهاننا: إنها طبقات المياه الجوفية الساحلية. وعلى الرغم من دورها الأساسي في تلبية احتياجاتنا من مياه الشرب ودعم الزراعة والصناعة، إلا أن هذا النظام البيئي يواجه تحديات كبيرة تتجلى في الضغط المتصاعد على خزانات المياه الجوفية، وتزايد تسرب المياه المالحة، وتملح طبقات المياه الجوفية الساحلية والنقل المعقد للمغذيات والملوثات.
تحتفل دول البحر الأبيض المتوسط بـ “يوم الساحل” في 25 سبتمبر من كل عام، والذي يسلط الضوء على أهمية المناطق الساحلية كمصادر طبيعية وثقافية واجتماعية واقتصادية تُسهم في التنمية المستدامة. وقد أصبح هذا اليوم مهرجانا إقليميا يعزز الحفاظ على هذه المناطق الساحلية.
وتركز نسخة 2023 على طبقات المياه الجوفية الساحلية، وتحتفي بدورها كموارد مخفية للمياه العذبة. ويمثل هذا اليوم فرصة فريدة للدعوة إلى نهج متكامل وتطوير استراتيجية شاملة لإدارة موارد المياه الجوفية وتعزيزها مع الحفاظ على النظم البيئية الساحلية الحساسة التي تدعمها. وسيُنظم الحفل الرسمي للإحتفال يوم الساحل المتوسطي بالتعاون بين مركز النشاط الإقليمي لبرنامج التدابير ذات الأولوية (PAP-RAC) والبرنامج الهيدرولوجي الدولي لليونسكو (IHP)، في 25 سبتمبر 2023 في فلوري، ألبانيا، بدعم من وزارة السياحة والبيئة الألبانية.
لماذا تعتبر طبقات المياه الجوفية الساحلية مهمة
تعد طبقات المياه الجوفية الساحلية أكثر من مجرد خزانات جوفية؛ فهي بمثابة حراس للنظم البيئية الحيوية ومصادر للمياه العذبة. تتجلى أهميتها في:
- دعم النظام البيئي. تلعب طبقات المياه الجوفية الساحلية دورا محوريا في الحفاظ على النظم الإيكولوجية المتنوعة، مثل الأراضي الرطبة ومصبات الأنهار والبحيرات. وهذه النظم ليست فقط حيوية لعدد كبير من الأنواع النباتية والحيوانية، بل تعتمد أيضًا على المياه الجوفية من أجل استمراريتها.
- مكافحة تسرب المياه المالحة. يهدد تسرب مياه البحر، الناجم عن العمليات الطبيعية والأنشطة البشرية، جودة المياه والنظم البيئية. وتعمل طبقات المياه الجوفية الساحلية كحواجز طبيعية تحافظ على جودة المياه البحرية والنظم الإيكولوجية، وتقلل من تأثير تسرب المياه المالحة.
- القدرة على التكيف مع تغير المناخ. تبرز طبقات المياه الجوفية الساحلية كحلفاء حيويين في مواجهة التغيرات المناخية المتمثلة في ارتفاع درجات الحرارة العالمية ومستويات سطح البحر، حيث تلعب دورا هاما في التخفيف من هذه التأثيرات. وتعمل هذه الطبقات كحواجز طبيعية تحمي المجتمعات الساحلية والنظم البيئية، بالإضافة إلى كونها خزانات طبيعية للمياه العذبة.
حماية المياه الجوفية وطبقاتها الساحلية: الإجراءات الواجب اتخاذها
دعونا نلتزم باتخاذ خطوات ملموسة لحماية هذه الموارد التي لا تقدر بثمن:
في البيت: يجب البدء باتخاذ إجراءات مسؤولة مثل التخلص السليم من النفايات، وتقليل استخدام المواد الكيميائية، والفحص والصيانة المنتظمين لأنظمة الصرف الصحي والآبار.
- الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية: ينبغي لنا تبني استراتيجيات شاملة للحد من التلوث والإفراط في استخراج المياه، والتصدي لتسرب المياه المالحة.
- ويجب تطوير لوائح و ممارسات أفضل واعتماد المناطق العازلة والهياكل الوقائية لضمان صحة طبقات المياه الجوفية. يساعد الحفاظ على النظم البيئية الطبيعية، مثل الأراضي الرطبة والكثبان الرملية، في الحماية من تأثيرات الظروف الجوية القاسية.
وفي الختام، يسلط يوم الساحل المتوسطي الضوء على الدور الحيوي الذي تلعبه طبقات المياه الجوفية الساحلية في نسيج المنطقة. ومن خلال إدراك أهميتها واتخاذ تدابير استباقية للمحافظة عليها، يمكننا ضمان استمرار هذه الموارد القيمة في دعمنا ودعم الأجيال القادمة. في هذا اليوم المميز، دعونا نحتفل بطبقات المياه الجوفية الثمينة والقابعة أسفل المناظر الطبيعية الساحلية في البحر الأبيض المتوسط.
لمزيد من المعلومات حول يوم الساحل المتوسطي وكيفية المشاركة، يمكنكم زيارة الموقع الرسمي https://coastday.net/.
مشاركة