من حبر الاتفاق إلى واقع العمل: إعادة بناء التنوع البيولوجي من خلال الأراضي الرطبة

يُحتفى سنويًا في الـ 22 من مايو باليوم الدولي للتنوع البيولوجي لتذكيرنا بأهمية حماية التنوع المذهل للحياة على كوكبنا والحفاظ عليه. وقد تحوّل هذا اليوم إلى منصة عالمية لتعزيز الوعي بأهمية التنوع البيولوجي وضرورة تظافر الجهود للتصدي معا لأزمة فقدانه المستمرة. وفي عام 2023، يتركّز اليوم الدولي للتنوع البيولوجي حول موضوع “من الاتفاق إلى العمل: إعادة بناء التنوع البيولوجي”، ويسلط الضوء على الجهود المبذولة لتنفيذ إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي الذي أُعتُمد مؤخرا في مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي (COP15).

 

 

يعد إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي بمثابة شعلة أمل في مكافحة فقدان التنوع البيولوجي. فهو يحدد الأهداف والتدابير العملية التي يجب اتخاذها لوقف تدهور الطبيعة وعكس المسار الحالي بحلول عام 2050. لذلك، يتعين على المجتمع الدولي التركيز الآن على تحويل الاتفاقيات على الورق إلى إجراءات على أرض الواقع. يجب أن تبدأ جميع الأطراف المعنية في تنفيذ أحكام الإطار وتكثيف جهودها لتحقيق أهدافه المحددة وتسريع وتيرة الحفاظ على التنوع البيولوجي.

على الرغم من التقدم التكنولوجي، إلا أننا ما زلنا بحاجة ماسة إلى النظم البيئية الصحية والحيوية لتلبية احتياجاتنا الأساسية مثل الماء والغذاء والأدوية والملابس والوقود والمأوى والطاقة، الخ. يمثل فقدان التنوع البيولوجي تهديدًا لا يشمل فقط الطبيعة، ولكنه يؤثر أيضًا على صحة الإنسان ورفاهيته. حيث تشير الأبحاث إلى أن فقدان التنوع البيولوجي يمكن أن يزيد من خطر الأمراض الحيوانية المنشأ، بينما يوفر التنوع البيولوجي السليم أدوات قيمة لمكافحة الأوبئة مثل تلك التي تسببها فيروسات كورونا. ورغم مايقدمه من قيمة هائلة للمجتمعات، إلا أن بعض الأنشطة البشرية لا تزال تتسبب بشكل كبير في تقليل عدد الأنواع. وهو ما يدفعنا للتحرك سريعا للحد من هذا الفقدان.

على الرغم من التقدم التكنولوجي الذي نشهده اليوم ، إلا أننا ما زلنا بحاجة ماسة إلى النظم البيئية الصحية والحيوية لتلبية احتياجاتنا الأساسية من الماء والغذاء والأدوية والملابس والوقود والمأوى والطاقة وغيرها. إن فقدان التنوع البيولوجي لا يشكل تهديدًا فقط للطبيعة بل يؤثر أيضًا على صحة الإنسان ورفاهيته. إذ تشير الأبحاث إلى أن فقدان التنوع البيولوجي يزيد من خطر الأمراض الحيوانية المنشأ، وفي المقابل، يوفر التنوع البيولوجي السليم أدوات قيمة لمكافحة الأوبئة، مثل تلك التي تسببها فيروسات كورونا. وعلى الرغم من قيمته الهائلة للمجتمعات، إلا أن بعض الأنشطة البشرية لا تزال تتسبب بشكل كبير في تناقص عدد الأنواع. ومن هنا، فإنه ينبغي علينا أن نعمل بسرعة للتقليل من هذا الفقدان وإيجاد حلول طبيعية لوقفه.

بوصفها موائلًا للتنوع البيولوجي، تستضيف الأراضي الرطبة تشكيلة واسعة من الأنواع النباتية والحيوانية، وهي تلعب دورًا حيويًا في الحفاظ على التوازن البيئي. من خلال الحفاظ على هذه الموائل الطبيعية الثمينة، يمكننا ضمان بقاء الكائنات الحية المتنوعة والمحافظة على استقرار النظام البيئي الدقيق. وبالتالي، فإن استعادة الأراضي الرطبة تعد أمرًا بالغ الأهمية للحفاظ على التنوع البيولوجي، مع جملة من الفوائد الجمة للإنسان والطبيعة على حد سواء.

بالإضافة إلى دعم التنوع البيولوجي، يحقق الحفاظ على الأراضي الرطبة واستعادتها فوائد عديدة مثل توفير سبل العيش المستدام للمجتمعات المحلية والمساهمة في التقدم العلمي والاكتشافات البيئية. ومن الجدير بالذكر أيضاً أن الأراضي الرطبة الصحية تمثل حلا استثنائيا يجمع بين معالجة أزمتي فقدان التنوع البيولوجي وتغير المناخ في وقت واحد، كما تسهم في تعزيز التنمية المستدامة.

 

طيور النحام في كامارغ. صورة التقطت بواسطة Eris Spiller / wikimedia commons

 

فيما يلي بعض الأسباب التي تجعل الحفاظ على الأراضي الرطبة واستعادتها ذات أهمية قصوى:

  • تعد نقاطًا ساخنة للتنوع البيولوجي، حيث تحتوي على تشكيلة مذهلة من النباتات والحيوانات والكائنات الحية الدقيقة. تتفاعل هذه الأنواع فيما بينها بشكل معقد وتلعب دورًا في تعزيز الصحة العامة ومرونة النظم البيئية. وبالمحافظة على الأراضي الرطبة، نحمي عددًا هائلاً من الأنواع من الانقراض ونحافظ على التوازن الدقيق للطبيعة.
  • تساهم في تخفيف حدة أزمة المياه. فبفضل غطائها النباتي الثري والمتنوع، تنظم الأراضي الرطبة تدفق المياه وتحافظ على توافرها خلال فترات الجفاف. وتُنقّي الأراضي الرطبة أيضًا المياه من الملوثات وتُحسن جودتها، مما يؤمن إمدادًا مستدامًا بالمياه النظيفة للمجتمعات، إلى جانب إيجاد موائل ومصادر غذائية للعديد من الأنواع.
  • تُخفف من آثار تغير المناخ. تمتص نباتات الأراضي الرطبة الصحية ثاني أكسيد الكربون وبالتالي تساعد على إبطاء الاحتباس الحراري وتقليل التلوث. كما يعمل الغطاء النباتي كمصدر للرواسب التي تساعد على تماسك ضفاف الأراضي الرطبة، ومنع التعرية، وتقليل تأثير الفيضانات والعواصف، مما يجعلها ذات قيمة عالية في جهود التخفيف من آثار تغير المناخ.
  • تدعم سبل العيش المحلية. فهي تعزز صيد الأسماك وصناعات تربية الأحياء المائية، مما يوفر فرصًا للحصول على الغذاء والدخل للمجتمعات المحلية. وتجذب الأراضي الرطبة أيضًا السياحة البيئية والأنشطة الترفيهية، مما يساهم في تنشيط الاقتصادات المحلية وضمان رفاهية وازدهار هذه المجتمعات.

في الختام، يعتبر اليوم الدولي للتنوع البيولوجي دعوة للعمل الجاد لحماية واستعادة التنوع البيولوجي في كوكبنا. وبالإضافة إلى ذلك، مع اعتماد إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي، أصبح لدينا الآن خارطة طريق واضحة للتغيير. لذا، دعونا نعطي الأولوية القصوى لتنفيذ هذا الإطار ونتخذ إجراءات عملية لإعادة بناء التنوع البيولوجي. ومن المهم أن يكون الحفاظ على الأراضي الرطبة واستعادتها جزءًا أساسيا من جهودنا. من خلال القيام بذلك، سنضمن مستقبلاً يزدهر فيه التنوع البيولوجي وتتعايش فيه البشرية بانسجام مع الطبيعية. لننطلق في هذه الرحلة ونؤكد التزامنا بالحفاظ على التنوع البيولوجي لخلق مستقبل أفضل للجميع.