تُعد الأراضي الرطبة، من أنهار وبحيرات ومستنقعات وبرك مؤقتة وشواطئ بحار وغيرها، من بين أكثر البيئات إنتاجية في العالم، نظرا لما تقدمه للبشرية من فوائد وخدمات قيمة لا حصر لها.
وتعتبر إدارتها تحدّيًا عالميًّا يجب أن يرتكز على فلسفة اتفاقية رامسار حول “الاستخدام الحكيم” للأراضي الرطبة، والتي تُعرّفه بأنه الحفاظ على طابعها الإيكولوجي، الذي يتحقق من خلال تنفيذ نُهج النظام البيئي، في سياق التنمية المستدامة. وبناء على ذلك، يمكن إعتبار الاستخدام الحكيم حفظا واستغلالا مستداما للأراضي الرطبة ولجميع الخدمات التي تقدمها للناس والطبيعة.
تعاني الأراضي الرطبة اليوم من تهديدات متنوعة، ناجمة في معظمها عن النشاط البشري. ويتطلب تحقيق الإدارة المناسبة والحماية الكافية لهذه المناطق تدخلات معقدة، واتخاذ بعض الإجراءات لتحقيق نتائج إيجابية. وفي هذا السياق، تقدم مجموعة من المنظمات الشريكة، بتنسيق من Wetlands International خمسة اقتراحات ملموسة، مُستمدة من الخبرات المكتسبة في مختلف الأراضي الرطبة المتوسطية.
تتمثل الخطوة الأولى لحماية الأراضي الرطبة و التي غالبا ما تُبخَس قيمتها من طرف المجتمعات المحلية وأصحاب المصلحة وصناع القرار، في زيادة الوعي بخصائصها وأهميتها وهشاشتها. فالمعرفة والوعي العام يخلقان استجابة أكبر لإيجاد نهج للإدارة. بالإضافة إلى ذلك، يتطلب تنوع الأراضي الرطبة وسياقاتها خططًا تتكيف مع الخصائص المحلية.
تسمح الشمولية بتحديد الاحتياجات ومختلف جوانب الحياة الأساسية، وذلك من أجل وضع خطة مستدامة وطويلة الأمد. ويدعم الانخراط والمشاركة القويين لأصحاب المصلحة الأساسيين، من مجتمعات محلية ومؤسسات ومنظمات غير حكومية وقطاع خاص، اتخاذ قرارات جماعية لحماية الأراضي الرطبة وتأمين إدارتها المستدامة ضد التهديدات المستقبلية.
ومن نافلة القول أن الحفاظ على الأراضي الرطبة يتطلب التعاون بين مختلف الجهات الفاعلة. وهي عملية معقدة تتطلب نهجًا متعدد التخصصات، ودمجا للعمليات والأدوات المختلفة، وتبادلا للمعرفة والمعلومات، وعلاجا لنقاط الضعف المؤسسية، وبناءً للقدرات و تعزيزا لروح المسؤولية لدى جميع أصحاب المصلحة من أجل إدارة الأراضي الرطبة وحفضها بشكل مستدام. وباختصار، يمكن أن يعزز التعاون علاقات أفضل بين أصحاب المصلحة الذين يشجعون الاستخدام المستدام للأراضي الرطبة.
علاوة على ذلك، من الضروري تحديد النظم الاقتصادية والاجتماعية المحيطة بالأراضي الرطبة لاقتراح بدائل وتعديلات مستدامة وفعالة من حيث التكلفة. تساعد الحلول القائمة على الطبيعة والتنمية المستدامة، كما يقترحه مفهوم “الاستخدام الحكيم” ، على الرفاهية الاجتماعية والاستقرار، وتعزيز هوية المجتمعات واستقلالها. و يعرّف الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة (IUCN) الحلول القائمة على الطبيعة بأنها “إجراءات لحماية وإدارة واستعادة النظم البيئية الطبيعية أو المعدلة، والتي تتصدى للتحديات المجتمعية بشكل فعال وقابل للتكيّف، وتوفر في الوقت نفسه رفاهية الإنسان ومنافع التنوع البيولوجي”. تُعد استعادة الأراضي الرطبة وإدارتها خير مثال على الحلول القائمة من الطبيعة، حيث تمثل خير سند لنا للتخفيف من آثار تغير المناخ.
وأخيرًا، تترابط البحار والمياه بشكل عام، والأراضي الرطبة كالأنهار والبحيرات بشكل خاص، فيما بينها، وتعتبر أصولًا عالمية وليست ملكًا لدولة واحدة. يتطلب النهج التطلعي لهذه النظم الايكولوجية إدارة متكاملة عابرة للحدود لموارد المياه مما يمكن من تحديد الأهداف المشتركة لإدارة المياه وتنسيق الموارد المختلفة لتحقيقها على نحو تعاوني.
تتطلب حماية الأراضي الرطبة اتباع نهج تكميلي ومتكامل في إطار الإدارة المكيّفة والحلول الدائمة الذي يتضمن المعرفة والوعي العام والشمولية والتعاون والحلول القائمة على الطبيعة والتنمية المستدامة والإدارة المتكاملة لموارد المياه.
مشاركة