منذ عام 1970، مثل يوم الأرض فرصة رمزية لنا جميعًا لتذكر مدى أهمية الإعتناء بكوكب الأرض وموارده. وستركز نسخة هذا العام على العمل المناخي، حيث يمثل تغير المناخ أكبر تحد لمستقبل البشرية والنظم الداعمة للحياة التي تجعل عالمنا صالحًا للعيش.
لقد تسببت الزيادة في تركيزات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي، الناتجة عن الأنشطة البشرية، في إلحاق ضرر كبير ببيئتنا. ويعد الاحترار العالمي والظواهر المناخية المتطرفة، اليوم، من التحديات الأكثر إثارة للقلق التي تواجه كوكب الأرض والبشر على حد سواء.
واليوم، تسابق الدول الزمن لتطوير استراتيجيات للتعامل مع أزمة المناخ. وتبرز من بينها الأراضي الرطبة التي توفر حلولا طبيعية فريدة، أقل تكلفة من أي استثمارات صناعية أخرى. وفي هذا الصدد كانت مارثا روخاس أوريجو، الأمينة العامة لاتفاقية رامسار، قد صرحت في إحدى بياناتها بأننا لسنا عاجزين عن معالجة أزمة تغير المناخ رغم ضيق الوقت المتاح أمامنا. وأشارت مارتا إلى أن الحلول ماثلة أمام أعيننا، والأراضي الرطبة هي إحداها. وشددت على أن العالم يجب أن يدرك جيّدا الرابط بين الأراضي الرطبة وتغير المناخ.
الأراضي الرطبة حاسمة في مكافحة تغير المناخ. ولكن كم نعرف حقًا عن ادوارها؟
تعتبر المناطق الرطبة حليفًا قويًا لنا ضد تغير المناخ ومخاطر الكوارث المترتبة عنه. ويتجلى ذلك في الأراضي الرطبة الساحلية والبحرية، مثل المستنقعات المالحة وأشجار المانجروف والأعشاب البحرية، التي تُعد بالوعات هامة للكربون. فوفقًا لتقرير التوقعات العالمية للأراضي الرطبة، الذي نشرته اتفاقية رامسار، يُقدَّر أن أراضي الخث تخزن 30٪ من الكربون الأرضي، وهو ضعف ما تُخزنه كل غابات العالم مجتمعة. وفي المقابل، فإن تدميرها سيحولها من مخازن طبيعية للكربون إلى أكبر مصدر للغازات المسببة للاحتباس الحراري.
كما تلعب الأراضي الرطبة أيضا دورا أساسيا في تعزيز قدرة المجتمعات على الصمود أمام الكوارث الطبيعية، والمساهمة في تقليل أضرارها. فأشجار المانجروف والشعاب المرجانية تقلل من تأثير عُرام العواصف الشديدة وأمواج تسونامي التي تضرب السواحل. كما أنها تحمي من الفيضانات وتعمل كحواجز ضد التعرية وتسرب المياه المالحة. وأثناء هطول الأمطار الغزيرة، تمتص الأراضي الرطبة الداخلية، مثل السهول الفيضية والبحيرات وأراضي الخث، المياه الفائضة وتخزّنها، وتحد بذلك من الفيضانات وتؤخر ظهور الجفاف.
حلول طبيعية فعالة … ولكنها مُهدّدة
على الرغم من أدوارها الهامة والمتعددة، إلا أن الأراضي الرطبة هي أنظمة إيكولوجية مهددة بشدة. فمنذ عام 1970، اختفت 48٪ من مساحتها في حوض البحر الأبيض المتوسط، في حين بلغ معدل الفقدان حوالي 35٪ على المستوى العالمي.
ويعزى هذا الفقدان بشكل رئيسي إلى الأنشطة البشرية مثل استخراج المياه لغرض الزراعة، والنمو الحضري، وردم الأراضي الرطبة من أجل التنمية السكنية والصناعية، وفي كثير من الحالات يتم استخدامها كمصبات للنفايات. ونتيجة لذلك -على سبيل المثال- انخفضت قدرة الأراضي الرطبة على السيطرة الفيضانات بنسبة 20٪ في بعض بلدان البحر الأبيض المتوسط خلال الثلاثين عامًا الماضية (1987-2016)، وذلك وفقًا لتقرير ““توقعات الأراضي الرطبة في البحر الأبيض المتوسط 2“ “.
ويقول Alessio Satta، منسق مبادرة MedWet: “تعاني الأراضي الرطبة – في كثير من الأحيان– بسبب النظرة المستمرة إليها على أنها أماكن مُوحلة وقذرة وتعج بالبعوض، رغم أنها في الواقع واحدة من أغنى موائل الكوكب من حيث التنوع البيولوجي والخدمات التي تقدمها للبشر. ولهذا السبب، أطلقنا حملة “Off Your Map” للمساعدة في زيادة مستوى المعرفة لدى الناس من العوام وصناع القرار بأهمية هذه النظم البيئية. إننا بحاجة ماسة إلى التوقف فورا عن تدمير هذه الموائل التي بمقدورها مساعدتنا في مواجهة أزمة المناخ”.
تُعد “Off Your Map” واحدة من أكبر حملات الاتصالات التي تم تطويرها على الإطلاق من أجل تعزيز المحافظة على الأراضي الرطبة في منطقة البحر الأبيض المتوسط. وتجمع الحملة 14 منظمة دولية، تتضافر جهودها لتعزيز قيمة الأراضي الرطبة الساحلية كحل طبيعي لمكافحة تغير المناخ في المنطقة. وتهدف الحملة أيضًا إلى التأثير على عمليات صنع القرار من أجل الاستخدام المستدام والفعال للأراضي الرطبة الساحلية والمحافظة عليها وإدارتها المتكاملة على المستويين الوطني والإقليمي.
مزيد من المعلومات:
يوم الأرض: https://www.earthday.org/earth-day-2020/
حملة “Off Your Map”: http://offyourmap.org/
مشاركة