الموارد المائية: بين مطرقة تغير المناخ وسندان الأنشطة البشرية

على غير العادة، يأتي اليوم العالمي للمياه هذا العام في مناخ يسوده الخوف والقلق، جرّاء انتشار فيروس كورونا الذي اجتاح العالم وحصد عديد الأرواح. ولكن، لا يجب أن تُنسينا جسامة هذه الأزمة العالمية، التي نأمل ألا تتطلب مواجهتها والتغلب عليها سوى أشهر معدودات، أن تلوث الموارد المائية وندرتها، جنبًا إلى جنب مع تغير المناخ، تُعد من أخطر الأزمات التي تُهدد مستقبل البشرية وتُنذر بآثار قد تكون أكثر فتكًا من الفيروس نفسه.

يُحتفل بيوم المياه العالمي هذا العام، الموافق لـ 22 مارس 2020، تحت شعار ”المياه وتغير المناخ“، وكيف يرتبط الاثنان فيما بينهما ارتباطًا وثيقًا. وتُظهر الحملة المصاحِبة كيف يمكن أن يساعد استخدامنا للمياه بشكل رشيد وبأكثر كفاءة في الحد من الفيضانات والجفاف وندرة المياه وتلوثها، إضافة إلى تقليل الغازات المُسببة للاحتباس الحراري. فمن خلال التكيف مع آثار تغير المناخ على المياه، سنحمي صحتنا وننقذ الأرواح. لا يمكننا الانتظار. كل شخص لديه دور ليلعبه.

 

حلول قائمة على الطبيعة لأزمتي المياه وتغير المناخ

تتواجد الأراضي الرطبة حيث تلتقي المياه باليابسة. . . وحيثما توجد المياه، تزدهر الحياة!

تعتبر الأراضي الرطبة الصحية من أهم مصادر المياه العذبة. ففي المناطق الجافة مثل البحر الأبيض المتوسط​​، تكتسي الأراضي الرطبة أهمية بالغة بشكل خاص للإدارة المستدامة لموارد المياه، من حيث الجودة والكمية. فهي تساعد على توفير المياه التي يعتمد عليها السكان المحليون في الشرب، والصناعة وإنتاج الطاقة والزراعة السقوية. ولا تقف وظيفتها عند توفير المياه فقط، وإنما أيضا ترشيحها وإزالة الملوثات منها.

 

الأراضي الرطبة في أوريستانو (سردينيا ، إيطاليا). الصورة: © MedWet

 

تلعب الأراضي الرطبة المتوسطية​​، ولا سيما الساحلية منها، دورًا مهمًا في التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه. فعندما تُدار بشكل جيد، فإنها تساعد على التخفيف من حدة الظواهر المناخية المتطرفة من خلال تكوين حواجز ضد الفيضانات والعواصف، وتوفير المياه خلال فترات الجفاف.

ولسوء الحظ ، فإن “البصمة البيئية” البشرية في حوض البحر الأبيض المتوسط ​​تبلغ الآن ضعف حجم المتوسط ​​العالمي تقريبًا، مع ارتفاع الضغوط بشكل خاص على الموارد المائية، وفقًا لتقرير  ”توقعات الأراضي الرطبة في منطقة البحر الابيض المتوسط 2“، الذي نشره مرصد المناطق الرطبة المتوسطية.

تؤدي الأنشطة البشرية مثل تحويل النظم الإيكولوجية الطبيعية، بما في ذلك الأراضي الرطبة، إلى استخدامات أخرى لغرض الزراعة والتنمية الحضرية والإمداد بالمياه، إلى تقليل قيمة الفوائد التي تقدمها هذه النظم.

وبما أن الأراضي الرطبة تعمل بشكل عام كبالوعات هامة للكربون، فإن تجفيفها وتدميرها واستخراج مياهها يؤدي إلى إطلاق كميات كبيرة من الكربون المُخزّن فيها على شكل غازات الدفيئة CO2 و الميثان في الغلاف الجوي مما يساهم بشمل كبير في الاحترار العالمي.

 

رسائل موجهة لصناع القرار

سلط تقرير ”توقعات الأراضي الرطبة في منطقة البحر الابيض المتوسط 2“ ​​الضوء على الوضع في المنطقة وقدّم بعض الأرقام المفزعة بشأن المياه والأراضي الرطبة، حيث:

  • تعاني ثلث دول البحر الأبيض المتوسط من إجهاد مائي كبير للغاية، ويصل إلى مرحلة الخطورة بشكل خاص في منطقة الشرق الأوسط وشمال شرق أفريقيا.
  • إنخفضت نسبة تدفق معظم الأنهار انخفاضًا كبيرًا جدًا تراوح بين 25٪ و 75٪.
  • تعد الزراعة هي العامل الرئيسي في زيادة إستخراج المياه في حوض البحر الأبيض المتوسط بمساهمة تقدر بثلثي الإجمالي .
  • انخفضت قدرة الأراضي الرطبة على السيطرة على الفيضانات بنسبة 20٪ في بعض دول البحر الأبيض المتوسط.

 

كما وجّه التقرير بعض الرسائل المتعلقة بتغير المناخ إلى صناع القرار في منطقة البحر الأبيض المتوسط. فرفاه الإنسان يتضرر بفقدان المنافع المتعددة التي توفرها الأراضي الرطبة، وغيرها من الأسباب الأخرى مثل :

  • زيادة مخاطر الفيضانات التي تغمر المنازل والبنية التحتية.
  • زيادة خطر التعرض لنقص المياه والجفاف.
  • قلة جهود الحد من آثار تغير المناخ التي من المتوقع أن تجعل الوضع أسوأ بالنسبة للأجيال القادمة.

وفي ضوء هذه التهديدات، فإن الاستعانة بالأراضي الرطبة وخدماتها يمكن أن يُحدث فرقاً في السنوات المقبلة، إذا إتبعنا التوصيات التالية:

  • تشجيع زيادة الوعي العام بأهمية الأراضي الرطبة، وكذلك مشاركة أصحاب المصلحة في إدارتها من أجل الحفاظ على رفاه الإنسان.
  • تعزيز الترتيبات القانونية والسياسية الوطنية للحفاظ على جميع الأراضي الرطبة.
  • وضع استراتيجيات التكيف للأراضي الرطبة الساحلية والداخلية وتنفيذها من أجل الحد من تأثيرات تغير المناخ.

لمزيد من المعلومات حول حالة واتجاهات الأراضي الرطبة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، قم بمراجعة تقرير “توقعات الأراضي الرطبة في منطقة البحر الابيض المتوسط 2” من خلال الرابط التالي.

من المتوقع أن تكون الأراضي الرطبة الساحلية وغير المحمية أكثر تأثراً بتغير المناخ، وفي المقابل فإن الحفاظ عليها واستعادتها هي وسيلة فعالة للغاية للتخفيف من تأثيرات تغير المناخ على الناس وعلى الموارد المائية.

 

لمزيد المعلومات:

موقع يوم المياه العالمي: https://www.worldwaterday.org/

موقع حملة الاتصالات “Off Your Map” حول الأراضي الرطبة الساحلية المتوسطية: http://offyourmap.org/