يعد دلتا إيبرو أكبر الأراضي الرطبة في كاتالونيا (إسبانيا) ومن أهم الموائل المائية في غرب البحر الأبيض المتوسط. حيث تبلغ مساحته 320 كم مربع، 20 ٪ منها مناطق طبيعية و 75 ٪ أراض صالحة للزراعة و 5 ٪ مناطق حضرية.
أعلن الدلتا أرضا رطبة ذات أهمية دولية (موقع رامسار) ومنطقة مهمة للطيور (IBA)، كما انه يمثل جزء من محمية إيبرو للمحيط الحيوي. في أغسطس 1983، تم الاعتراف رسميا بجزء منه كحديقة طبيعية، وتم توسعتها لتبلغ مساحتها 7736 هكتارا في عام 1986. وبفضل أهميته البيئية والإقتصادية، يعيش حوالي 50 ألف شخص بمقربة من الدلتا، أين تتواجد بلدة أمبوستا الصغيرة، ويعتمدون عليه في توفير سبل عيشهم.
يعد نهر إيبرو، الأكبر في إسبانيا والثالث في البحر الأبيض المتوسط بعد دلتا النيل (24000 كيلومتر مربع)، ودلتا نهر الرون (500 كيلومتر مربع). حيث يلعب نهر إيبرو دورا رئيسيا في تكوين هذه البيئة في المنطقة من خلال جلب رواسب من جبال البيرينيه و جبال إيبيريا وسلسلة جبال كانتابريا. وبفضل هذه الترسبات الكبيرة، تشكلت مساحة تمتد على 320 كيلومتر مربع تكونت فيها مجموعة من الموائل.
تعتبر الأراضي الرطبة في دلتا إيبرو ملاذا آمنا ل 316 نوعا من الطيور، التي تلجأ إليها لقضاء فصل الشتاء وللراحة والتغذية أثناء هجرتها، 95 نوعا منها يعتبرها مكانا ملائما للتعشيش. كما توفر موائل مهمة لثمانية أنواع من النباتات ومئات الأنواع من الحيوانات.
ومن المناظر الطبيعية الأخرى المثيرة للإهتمام في دلتا ديل إيبرو نجد منطقة “Els Ullals de Baltasar” التي تقع بين مدينتي San Carlos de la Rápita و Amposta. وعلى إمتداد 10 هكتارات تتواجد خزانات المياه العذبة القارية المميزة المتأتية من الجبال، كما تتواجد حوالي 40 منطقة تدفق صاعد للمياه العذبة بعمق 6 أمتار. و تتميز المنطقة أيضا بتنوع حيوي غني، حيث تستقطب الكثير من الحيوانات كالسلاحف والضفادع والطيور خاصةً طيور Capirotada warblers و الوروار، و تغطيها غابات الأوكالبتوس ونباتات زنابق الماء التي تجعل المكان وجهة مثالية ومغرية لعشاق التصوير الفوتوغرافي.
الأنشطة التي تقام في دلتا إيبرو
تقام في دلتا إيبرو أنشطة اقتصادية كالزراعة (المحاصيل وأشجار الفاكهة والأرز) وصيد الأسماك وتربية الأحياء المائية والسياحة التي تقدر بقيمة إجمالية سنوية بحوالي 100 مليون يورو.
على الرغم من الأهمية التي يكتسيها الاستغلال الزراعي في الوقت الحاضر، إلا أن زراعة الأرز وغيره من المحاصيل لم تظهر في الدلتا الا في نهاية القرن التاسع عشر.
تغطي حقول الأرز مساحة 20 ألف هكتار وبذالك تمثل جزءًا كبيرا من المناظر الطبيعية في الدلتا مما يجعلها منطقة رطبة ذات أهمية كبرى في حد ذاتها. فهي من ناحية تتوافر على غطاء نباتي مميز، ومن ناحية أخرى، توفر إنتاجا غذائية ضخما للأنواع البرية التي تعتمد على حقول الأرز في مرحلة ما من دورة حياتها.
إن زراعة الأرز في دلتا إيبرو هو نظام دوري يتطلب غمراً دوريًا ل 40٪ من مساحة الدلتا ثم تجفيفها لاحقًا. فخلال موسم حصاد الأرز الذي يمتد من شهر أبريل إلى سبتمبر، تتدفق المياه العذبة من النهر إلى الحقول عبر القنوات والمساقي ثم تعبر فيما بعد إلى البحيرات الساحلية ومنها إلى البحر. وبحلول شهر ديسمبر، تغلق بوابات عبور المياه لتبقى هذه الأخيرة راكدة في الحقول والقنوات، فتتبخر خلال فصل الشتاء حتى تصل إلى الجفاف الكلي تقريبا في نهاية شهر فبراير. وفي شهر مارس، يتم إعداد الحقول وتحضيرها للزرع، وعندما تجف تمامًا، يتم غمرها مرة أخرى في شهر أبريل، وهكذا دواليك.
وبالإضافة إلى زراعة الأرز، يمثل الدلتا مكانا ملائما لحدوث نشاطات مهمة أخرى ترتكز أساسا على الملاحات مثل ملاحات ترينيداد (سان كارلوس دي لا رابيتا) منذ القرن العاشر والثروة الحيوانية (منذ القرن الرابع عشر) وصيد الأسماك، إضافة إلى الصيد. وقد مثلت أحواض الملح، التي تراجعت مساحتها، وصيد الأسماك في الدلتا قديما أساس الحياة الاقتصادية للإقليم. و منذ ظهور زراعة الأرز، شهدت المنطقة زيادة ديموغرافية هامة تركزت خاصة حول دلتا إيبرو.
تعتبر الطيور من أهم العناصر التي تزين المشهد الجميل في دلتا إبرو. فغروب الشمس الذي يجلب معه صورة منمقة لمجموعة من طيور النحام التي ينعكس ظلها على مياه بحيرة دلتا ايبرو أو لمالك الحزين الذي يتمشى شامخا على ضفاف النهر، ليست سوى بعض من اللقاءات الأكثر جذبا لعشاق مشاهدة الطيور.
كما يمكن لزوار الدلتا الاستمتاع بزيارة مركز MónNatura Delta Ebro، الذي صمم لمساعدة الزوار على التعرف على سحر الدلتا والاستمتاع به. ومن أجل إبراز الأهمية البيئية للأراضي الرطبة وتنوعها الحيوي، أنشأ المركز فضاءات مختلفة للزوار ويقدم سلسلة من الأنشطة الترفيهية والتثقيفية مثل الزيارات المصحوبة بمرشدين إلى حقول الملح والصيد التقليدي للأسماك و مراقبة الطيور، إلخ.
تعرف على مركز MónNatura Delta Ebro في الرابط التالي.
إن المأكولات البحرية وخاصة المحار هي واحدة من الأطباق التي لا يمكن تفويت لذة تذوقها في دلتا إيبرو. يتميز المحار برقته وحلاوته فيمكن أن يؤكل مطبوخا أو حيا مع قطرات من الليمون وكوب من الكافا (الشمبانيا المحلية) أو النبيذ.
ويوفر المرفأ في دلتا ديل إيبرو فضاءً لاكتشاف أنشطة صيد الأسماك التقليدية وممارستها. حيث يمكن التعرف على عينة من أدوات الصيد التقليدية المختلفة مثل esparavel و ganguil و bussó و banarreta و tramel.
كما تعد رياضة التجديف من بين الأنشطة المعروفة في الدلتا. وهي وسيلة النقل المثالية لتحقيق الاتصال الكامل بين الإنسان والبيئة، إذ تتيح للأطفال والبالغين التنزه في جميع أنحاء المناطق الرطبة في الدلتا وإكتشافها بسرعة متمهلة ودون تعطيل لهذا النظام البيئي الغني ودون التسبب بتأثيرات سلبية على الطبيعة المجاورة.
سيستضيف دلتا إيبرو، في الفترة الممتدة من 20 إلى 22 سبتمبر 2019، مهرجان علم الطيور الدولي للسنة الخامسة على التوالي. ويقدم المهرجان برنامجا ثرياً من الأنشطة بما في ذلك المحاضرات وورش العمل والمسابقات و أنشطة أخرى، فضلا عن معرض كبير للمنتجات والخدمات لمحبي الطيور خاصةً والطبيعة بشكل عام.
تعرف على المزيد حول المهرجان في الرابط التالي.
يعد دلتا نهر إيبرو أحد أهم الأراضي الرطبة في البحر الأبيض المتوسط، وسيحتاج دائمًا إلى حماية فعالة إذا ما أردنا الحفاظ على المناظر الطبيعية الخلابة والفوائد القيمة التي يقدمها للسكان المحليين.
مشاركة