دور الأراضي الرطبة في التكيف مع تغير المناخ لا يحظى بالتقدير الكافي

وفـقا لتقييم النظام البيئي للألفية 2005، تلعب الأراضي الرطبة دوراً رئيسياً في التخفيف من آثار تغير المناخ، مما يدعم التكيف معه والصمود أمامه.  فالأراضي الرطبة الخضراء والسليمة تعتبر من بين أكثر بالوعات الكربون فعالية على هذا الكوكب. ومع ذلك، فإن هذه الإمكانات الهامة التي تتمتع بها لا تحظى بالتقدير الكافي خلال وضع خطط مواجهة تغير المناخ. تختلف قدرة إمتصاص الكربون في الأراضي الرطبة المتوسطية بحسب الأنظمة البيئية المختلفة، كما هو الحال بالنسبة الى إنتاجيتها و الهيدرولوجيا خاصتها. ومع ذلك، تُعد منابت الأعشاب البحرية من أهم بالوعات الكربون والذي يشار إليه بالكربون الأزرق.

ورغم أهميتها، تبقى الأراضي الرطبة من بين أكثر النظم الإيكولوجية تأثراً بعواقب تغير المناخ حتى وإن كان طفيفة، إضافة إلى التغيرات في الأنظمة الهيدرولوجية، المتمثلة خاصة في إرتفاع مستوى سطح البحر وإنخفاض منسوب المياه السطحية والجوفية.

 

ريا فورموزا، موقع رامسار في منطقة الغارف في البرتغال. تصوير: Simon Paulais

 

منطقة البحر الأبيض المتوسط: نقطة ساخنة لتغير المناخ

تُسجل منطقة حوض المتوسط ​​إرتفاعًا في متوسط درجات الحرارة بواقع 1.4 درجة مئوية منذ بداية العصر الصناعي، وهو ما يزيد كثيرا على المتوسط العالمي. وهذا الإرتفاع، جنبا إلى جنب مع أنماط هطول الأمطار المتغيرة وإرتفاع مستوى سطح البحر، يؤثر بشدة على المنطقة التي تعاني أصلا من نقص المياه والاستغلال المفرط للموارد المائية.

ومع الجهود الضعيفة الحالية لحماية المناخ، من المنتظر أن يزداد تأثر البحر الأبيض المتوسط خلال العقود المقبلة بـ:

  • زيادة الإحترار بوتيرة أسرع من المتوسط ​​العالمي
  • تراجع محتمل لمعدل هطول الأمطار في معظم الأجزاء
  • إرتفاع شديد لموجات حرارة الصيف.
  • كثافة الأحداث المتطرفة كتوالي الجفاف وكثرة الفيضانات.
  • إرتفاع مستوى سطح البحر بمعدل أسرع من ذي قبل مما يؤدي بدوره في المستقبل إلى زيادة تواتر الفيضانات الساحلية والتأثير على الخط الساحلي في دلتا المتوسط وبحيراته بسبب زيادة التعرية.
  • جفاف العديد من الأراضي الرطبة أو تحولها من دائمة إلى مؤقتة.

إن العديد من الآثار المترتبة والبادية بالفعل للعيان كالتغيرات الحاصلة في النظم البيئية سينعكس سلبا على المجتمعات التي تعتمد عليها في سبل عيشها. فهذه التغيرات يصاحبها غالبا فقدان محتمل للفوائد التي تقدمها كتوفير الغذاء والحفاظ على التنوع البيولوجي. كما أن تعرض العديد من الأراضي الرطبة لخطر الزوال لا يؤثر فقط على الإنسان، وإنما من شأنه أن يهدد أيضا أنواع النباتات والحيوانات النادرة المهددة بالانقراض التي تحتمي بها.

 

توزّع 289 نوعًا من الأنواع في الأراضي الرطبة والمهددة بالانقراض بسبب تغير المناخ في دول البحر الأبيض المتوسط (المصدر: مرصد المناطق الرطبة المتوسطية (MWO) بإستخدام قاعدة بيانات قائمة IUCN الحمراء).

 

الأراضي الرطبة الصحية تساهم في التخفيف من حدة تغير المناخ والتكيف معه

من المعلوم أن الأراضي الرطبة تعزل كميات هائلة من الكربون وتخزّنها وتمثل عاملا مساعدا للحد من الزيادة المتنامية لغازات الدفيئة في الغلاف الجوي إذا ما تمت حمايتها من المضايقات البشرية. ولكن في المقابل، وبمجرد تجفيف الأراضي الرطبة أو حرقها، فإنها تتحول إلى مصدر هام للغازات الرئيسية المسببة للاحتباس الحراري، وهي ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز، والتي تطلقها في الجو.

 

فعالية منابت الأعشاب البحرية والمستنقعات المالحة وغابات المانجروف كخزانات للكربون: الكربون الأزرق. مصدر الصورة: Howard et al.، 2017، Frontiers in Ecology and the Environment.

 

وبالإضافة إلى ذلك، فإن الجفاف يُضعف قدرة الأراضي الرطبة ذات المياه العذبة على تقديم خدماتها المعتادة الأخرى مثل الإمداد بالمياه وتحسين نوعيتها والسيطرة على الفيضانات والحماية من العواصف وما يترتب عليها من آثار إيكولوجية وإجتماعية وإقتصادية وخيمة.

كما تعتبر شبكات الأراضي الرطبة ممراتٍ رئيسية ونقاط إنطلاق تسمح لأنواع الحيوانات بالإنتقال إلى المناطق الأكثر برودة، مما يساعدها على التكيف مع إرتفاع درجات الحرارة.

 

الأراضي الرطبة تشكل حواجز واقية من تغير المناخ (المصدر: Dubreuil-Imbert،PlanBleu)

 

ونظرا لتواصل تجاهل تغير المناخ في معظم الأحيان خلال وضع الخطط المتعلقة بحفظ الأراضي الرطبة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، مثّل هذا الأمر حافزا لمبادرة المناطق الرطبة المتوسطية (MedWet) لتشكيل فريق يُعنى بتغير المناخ ضمن شبكتها العلمية والتقنية (MedWet STN).

 

 دور مجموعة MedWet المتخصصة في تغير المناخ (Climate Change-SG)

إن هذه المجموعة هي واحدة من خمس مجموعات من المتخصصين (SGs) والتي تشكل الشبكة العلمية والتقنية لـ MedWet. تتألف المجموعة من تسعة خبراء من سبعة بلدان متوسطية في مختلف التخصصات ذات الصلة بتغير المناخ.

إستناداً إلى العديد من الدراسات العلمية، تنظر مجموعة الخبراء إلى أي مدى تمثل فيه الأراضي الرطبة أنظمة لاحتجاز الكربون، وكيف يمكن أن يؤدي تجفيفها وتدهورها إلى إعادة إطلاقها للكربون المخزن فيها وغيره من غازات الدفيئة في الغلاف الجوي.

كما تقترح المجموعة ممارسات إدارية أفضل من شأنها أن تساعد في التخفيف من آثار تغير المناخ، وتقدم المشورة لصانعي السياسات من أجل دمج كامل لمخزونات “الكربون الأزرق” الساحلية كجزء من حزمة إجراءات البلدان للتخفيف من حدة تغير المناخ.

لمعرفة المزيد عن MedWet/STN ومجموعاتها الخمس: http://bit.ly/MedWetSTN-ar

 

الاتصال ب:

Maria Snoussi

رئيسة مجموعة تغير المناخ

ma.snoussi@gmail.com

 

Flavio Monti

المسؤول عن الشبكة العلمية والتقنية

monti@medwet.org