البوسيدونيا، رئة البحر الأبيض المتوسط

 

أين تكمن أهمية بوسيدونيا؟

تعتبر بوسيدونيا أوسينيكا (Posidonia Oceanica) من النباتات المستوطنة في البحر الأبيض المتوسط ​​ومن أكثر أنواع الأعشاب البحرية انتشارا في مياهه، وواحدة من الثروات البحرية الرئيسية في المنطقة. تغطي البوسيدونيا ما بين 000 25 و 000 50 كيلومتر مربع من مساحة المناطق الساحلية، أي ما يعادل 25٪ من قاع البحر، حيث تصل إلى عمق يتراوح بين 0 و 40 مترا.

 

توزع بوسيدونيا أوسانيكا في البحر الأبيض المتوسط: النقاط الخضراء تبين حدود إمتداد الأنواع. مصدر الصورة: IUCN

 

يشير بعض العلماء إلى أن أكثر من نصف الأكسجين الذي نتنفسه يأتي من المحيطات. وقد سميت البوسيدونيا “رئة البحر الأبيض المتوسط” لأنها واحدة من أهم مصادر تزويد الأكسجين للمياه الساحلية. تشير دراسة أجراها معهد البحر المتوسط للدراسات المتقدمة (IMEDEA) ومؤسسة BBVA إلى أن بوسيدونيا البحر المتوسط ​​تنتج من 14 إلى 20 لترا من الأوكسجين في المتر المربع الوحيد كل يوم، مما يعكس أهميتها الكبرى للحياة البحرية.

 

                               مروج البوسيدونيا. مصدر الصورة: perierga.gr

 

تلعب مروج البوسيدونيا وظائفها المتعددة منها تثبيت قاع البحر، وتكسير الأمواج، وتسهيل تكدس الجسيمات الرسوبية (Boudouresque et al., 2006). وتتميز بارتفاع أوراق البوسيدونيا عن مترين ويصل عرضها إلى 20 مترا، وتكون على شكل حواجز مقاومة على طول الشواطئ مما يوفر حماية فعالة جدا ضد التعرية.

تعتبر البوسيدونيا مؤشرا هاما عن جودة المياه الساحلية نظراً لحساسيتها الشديدة للتلوث حيث لا يمكنها أن تنمو إلا في المياه النظيفة وغير الملوثة. كما أنها وجودها يوفر ملاذا ومخزونا غذائيا لمجموعة واسعة من الأنواع الحيوانية التي تستخدم هذه الموائل كمأوى آمن للراحة والتفريخ والحضانة.

 

                     البوسيدونيا تمثل ملجأً للأنواع البحرية. مصدر الصورة: perierga.gr

 

بالإضافة إلى ذلك، تمثل هذه المروج المغمورة بالمياه بالوعات هامة للكربون. فهي تمتص ثاني أكسيد الكربون وتخزن الكربون بمعدل 83 غرام/متر مربع في السنة. وهي تلعب بذلك دورا رئيسيا في التقليل من وجود هذا العنصر في الغلاف الجوي وبالتالي التخفيف من آثار تغير المناخ.

تنمو البوسيدونيا في المروج الكبيرة التي تغطي قاع البحر وتخلق نظاما بيئيا غاية في الجمال، مما يجعلها وجهات مناسبة لممارسة الأنشطة الترفيهية مثل الغوص والغطس.

قديماً في بلدان البحر المتوسط، كانت أوراق البوسيدونيا المجففة تستخدم تقليديا ​​كمواد للتعليب لنقل الأواني الزجاجية الهشة والأصناف الفخارية، فضلا عن شحن الأسماك الطازجة من الساحل إلى المدن.

 

المخاطر التي تهدد البوسيدونيا

على الرغم من التشريعات الدولية لحماية البوسيدونيا على المستوى الأوروبي، مثل توجيهات الموائل الأوروبية (EU Habitats Directive) واتفاقية برن (الملحق 1)، إلا أن هذا النبات المائي لا يزال يواجه خطر الاختفاء في السنوات القليلة القادمة. اذ تشير الدراسات إلى أن المعدل العام لهذا الانخفاض يقدر بحوالي 10٪ على مدى السنوات المائة الماضية (Pergent et al. 2009)، فيما يشير المسح الحديث للمنطقة إلى انخفاض بنسبة 34٪ في مساحة التوزع و تدهورها في السنوات الخمسين الماضية (Telesca et al. 2015).

يعود تقلص مساحة مروج البوسيدونيا في أجزاء كثيرة من البحر المتوسط إلى عوامل كثيرة كتغير المناخ، والتلوث، والبنى التحتية للمدن والموانئ التي تجتاح الشواطئ، إضافةً إلى أنشطة صيد الأسماك ومراسي السفن التي تقتلع هذا النبات من جذوره.

 

إجراءات المحافظة على بوسيدونيا

لقد انضمت أمانة اتفاقية رامسار إلى الشراكة الدولية من أجل الكربون الأزرق نظراً للدور الهام الذي تلعبه الاتفاقية في تعزيز وظيفة تنظيم المناخ التي تضطلع بها الأراضي الرطبة البحرية والساحلية في العالم (النظم البيئية الكربونية الزرقاء) وتشجيع حفظها واستعادتها. وقد أنشئت هذه الشراكة اعترافا بالدور الذي تلعبه النظم الإيكولوجية مثل أشجار المانجروف والأعشاب البحرية والمستنقعات المالحة في دورة الكربون من خلال امتصاصها لثاني أكسيد الكربون.

في هذا الصدد، أجريت دراستي حالة في المتوسط:

– LIFE Blue Natura: يمثل هذا المشروع مبادرة طموحة ومبتكرة لتحديد مخزون الكربون الأزرق وحماية الموائل الساحلية في الأندلس. مزيد من المعلومات عن المشروع هنا.

– Blue4Good الكربون الأزرق: يهدف إلى الحفاظ على الكربون الأزرق من خلال حماية النظم الإيكولوجية البحرية التي تحتجز الكربون مثل مروج البوسيدونيا في البحر الأبيض المتوسط. مزيد من المعلومات عن المشروع هنا.

 

 نفذ مركز الأنشطة الإقليمية للمناطق المتمتعة بحماية خاصة RAC/SPA مشروعين في البحر الأبيض المتوسط:

–  MedPosidonia في الفترة 2006-2008: يتمثل في جرد ورسم خرائط ورصد مروج البوسيدونيا في أربعة بلدان متوسطية (الجزائر وليبيا وتونس وتركيا).

– MEDKEYHABITATS في الفترة 2013-2016: يتمثل في رسم خرائط الموائل البحرية الرئيسية مثل أعشاب البوسيدونيا في البحر الأبيض المتوسط وتشجيع الحفاظ عليها من خلال إنشاء المناطق المتمتعة بحماية خاصة ذات الأهمية للبحر المتوسط (SPAMI).

هناك العديد من المشاريع الرامية إلى حماية بوسيدونيا البحر الأبيض المتوسط، نذكر منها على سبيل المثال :

 

 

أطلق مجلس فورمونتيرا وحكومة جزر البليار في اسبانيا حملة “حفظ البوسيدونيا” وهو مشروع رائد في غرب البحر الأبيض المتوسط، يهدف إلى رفع مستوى الوعي بالأهمية الحيوية لبوسيدونيا، وجمع الأموال اللازمة لإنقاذها من الانقراض. اقرأ المزيد عن المشروع هنا.

 

 

 

يهدف POSBEMED إلى دراسة سبل الإدارة والفرص المتاحة ومعالجة المشاكل في ساحل البحر الأبيض المتوسط، خاصة المناطق الساحلية المحمية وموائل Natura 2000 حيث يوجد ترابط بين الأعشاب البحرية، والكثبان الرملية والشواطئ. سيضع المشروع استراتيجية متوسطية ​​ونموذج حوكمة لتعزيز فعالية إدارة هذه المناطق المحمية والمناطق المتاخمة لها.

لمزيد من المعلومات حول المشروع، يرجى زيارة موقعه على الانترنت هنا.

 

 

يهدف مشروع ”الحفاظ على مروج بوسيدونيا أوسانيكا في الأندلس” إلى زيادة المعرفة والحفاظ على التنوع البيولوجي البحري في الأندلس، بما في ذلك تنفيذ تدابير وقائية لحماية مروج البوسيدونيا. اقرأ المزيد عن المشروع هنا.

 

 

 

مزيد من المعلومات

بوسيدونيا أوسينيكا في القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض التابعة للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة:

http://www.iucnredlist.org/details/153534/0

الشراكة الدولية من أجل الكربون الأزرق

https://bluecarbonpartnership.org